السداسي الرابع

لا توجد قطيعة معرفيّة بين الأدب المقارن و الأدب العالميّ. فالبوثقة المعرفيّة  لفكرة توحيد الآداب جاءت مع انشقاق رواد المدرسة الفرنسيّة في الأدب المقارن بعد أن نادى بعض منظريها إلى التخلي عن فكرة أدب الأسياد و أدب العبيد.  و يُعدّ المستشرق الألمني يوهان غوته Yohan Gothe أول من نادى إلى ضرورة توحيد آداب شعوب الأرض قاطبة دون تمييز مع احترام المعايير القوميّة لكل نص. إلا أن العالميّة الادبيّة لا تتأتى إلا ببنوذ يجب اتباعها.

يتصل تطور النقد الأدبيّ  بالإبداع الأدبيّ؛فلا وجود للنقد دون الأدب، وقد كان للنقد قديما أثر كبير في توجيه الأدباء، ومع تطور الأدب عبر العصور بدأ النقد الأدبي بالتطوّر أيضا، وبدأ ظهور ما يسمّى مفهوم المنهج النقدي.

  بداية ظهر المنهج التاريخي في النقد الذي صاحب تطور علم التاريخ، وبعدها تبعه المنهج النفسي، والاجتماعي مترافقَين مع تطور علومها، ثم بدأت الدراسات اللغوية بالظهور على ساحة الأدب والنقد وبدأت تنبثق منها مناهج نقدية جديدة تعاملت مع النصوص الأدبية على أنها بنية لغوية بعيدة عن المؤثرات الخارجية المحيطة.

 و هنا بدأت الرحلة النقدية في البحث عن المنهج النقدي المناسب لكشف خفايا الأدب، فمفهوم المنهج النقدي في النقد الأدبي، يرتكز على تاريخِه والدراسات التي أُجريت عليه،و الأسئلة العقلية التي يطرحها الباحث في ممارسته للعملية النقدية عن مضمون النص، والطريقة التي يسلكها الأديب للتعبير عن أفكاره، وعواطفه.

إن الجدير بالذكر هو أنّ الأدب ليس مضمونًا فقط، إنّما هو شكل ينطوي على الإبداع والجمال، والمضمون ليس فكرًا خالصًا، بل هو فكر مصحوب بالعواطف والمشاعر فالحديث عن مفهوم المنهج النقدي يضعنا أمام تعريف المنهج وقواعده و أسسه .